كتب واعداد : باسل الربيعي
اتت قرارات رئيس الوزراء العراقي الجديد ،مصطفى الكاظمي ، وفريقه الحكومي المعني بالشؤون المالية ، صادمة ومحبطة لشرائح المتقاعدين وذوي الشهداء والمجاهدين، لكونها ستزيد من حال الاختناق التي تشعر بها هذه الشرائح التي تقاسي بالاساس الكثير من الصعاب في حياتها المعيشية وامورها المالية واوضاعها الاقتصادية .
وحذرت بعض القوى والاطراف السياسية والعشائرية والاعلامية من خطورة تداعيات هذه القرارات على حياة الفئات المشمولة بها ، في حين كان حري بالسيد الكاظمي ، ان صحت مزاعمه بالاصلاح والسعي لتكريس العدالة الاجتماعية ومعالجة الواقع الاقتصادي المتردي للبلد ، ان يبدأ بفتح ملفات حيتان الفساد وعائدات نفط الشمال واسترداد مانهبه وزراء ومسؤولون سابقون واسترجاع العقارات الحكومية من القوى والاحزاب المهيمنة ووضعها في المزاد لترفد اموالها خزينة البلاد، الى جانب ضبط الايرادات الضخمة للمنافذ الحدودية والحؤول دون استمرار “حفلات” المزاد التي تباع فيها هذه المنافذ وتشترى على ايدي قوى سياسية نافذة. لكن لايبدو ان الكاظمي قادر على ان يقول لكل طرف من هذه الاطراف ، ان “على عينك حاجب” ، وفضل ان يفقس عيون الشرائح الضعيفة والاخرى التي كانت شوكة في عين الطاغية المقبور صدام حسين واجهزته القمعية وحزبه الدموي الفاشي الـ “لامحظور”!!.


وان كان ضابط شرطة منيابولس الاميركية “ديريك تشوفين” خنق المواطن الاسود “جورج فلويد” بطريقة خشنة وذلك من خلال الضغط بركبته على عنق فلويد ، فان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي قرر خنق المتقاعدين وذوي الشهداء والمجاهدين بطريقة مرنة ، تراوحت بين الاستقطاع الجزئي والتعليق الكامل للراتب الشهري لهذه الشرائح.


هذه القرارات المجحفة ، بكل ما حول جدواها من شكوك وما يثار بشأن اهدافها ومراميها من ظنون ، لن تخدم باي شكل كان الكاظمي وشعاراته ولا حتى العملية السياسية العراقية برمتها ، وستكون لها تداعيات مستقبلية خطيرة على العملية السياسية ولاسيما الانتخابات التشريعية ، ولزاما على الاطراف والقوى السياسية التي تبنت الكاظمي واختارته ورشحته لتبوأ منصبه الحالي ، ان تعمل بمسؤولياتها وتعهداتها القانونية والاخلاقية ، ان مازال فيها بقيّة، تجاه هذه القرارات المتسرعة التي تفتقر الى الحكمة والكياسة ، وبعكس ذلك فان هذه القوى ستكون الخاسر الاكبر لان ذاكرة المواطن العراقي باتت من شدة الالام والمعاناة لاتنسى بسهولة من يعمل على خنقها من خلال ليس فقط الابقاء على معاناتها المزمنة التي لم تحصل منذ 2003 على حلول ناجعة وحقيقية لها،بل وحتى تعميق هذه المعاناة وزيادة ابعادها المادية وآلامها النفسية.


الذي اختار الكاظمي ورشحه مازال حتى كتابة هذه السطور صامتا صمت القبور حيال قرارات الخنق ، لكن هنالك قوى سياسية واعلامية وعشائرية وطنية ، سارعت الى الاعلان عن رفضها لهذه الخطوة ودعت الحكومة الى التراجع عنها . وبالطبع ان ضحايا هذه القرارات يتمنون على القوى الرافضة ، الا تكتفي بالبيانات وان تعمل ما بوسعها وتستغل ثقلها السياسي والمجتمعي لاجل ان يتحقق المطلوب بشكل عملي وعلى ارض الواقع .


* أئتلاف دولة القانون:
اصدر الائتلاف بيانا جاء فيه “نرفض الاستقطاع من رواتب المتقاعدين والتي هي في الحد الادنى من الراتب مما يؤثر على معيشتهم وازدياد نسبة الفقر لديهم , علما ان قانون ضريبة الدخل يعفي المتقاعدين من استقطاع ضريبة الدخل وما حصل يعد مخالفة قانونية صريحة” ، ودعا الائتلاف الى “الغاء رواتبِ منتسبي الاجهزةِ القمعيةِ، والذين لا زالوا يمارسون الارهاب وتخريبَ الدولةِ، وهم خارج الحدود…هل يعقل ان تقطع الدولة راتب ذوي الشهداء والسجناء او تستقطع جزءً منه وفي نفس الوقت تستمر باعطاء الرواتب العالية لمنتسبي الاجهزة القمعية و باعدادهم الكبيرة التي زادت عن 551 الفا عدا الذين كانوا سببا في معاناة شعبنا وترويعه”.
كما شدد بيان ائتلاف دولة القانون على ، ان “الشهداءَ والسجناءَ السياسين قيمةٌ عليا لاي دولة في العالم، وهم محلُّ تقديرٍ وتقديسٍ ورفعةٍ لدى الشعب العراقي الذي ضحى بأبنائهِ ورجالهِ في مقارعةِ الظلمِ البعثي، لذا فان رواتبَ الشهداءِ والسجناءِ هي ليست قيمةً ماليةً، بقدر ما هي قيمةٌ معنويةٌ واعتباريةٌ، ترمز الى شيء من رد الجميل والعرفان لهؤلاء الرموز الحقيقين لدولتنا، وان اي تجاوزٍ على رواتبهم واستحقاقاتهم يُعَدُّ تجاوزا على تلك القاماتِ الكبيرة ، وتجاوزا على حقوقِ ورثتِهم الذين عانَوا الامرَّين إبان حكم البعث”.


* المكتب الاعلامي لرئيس مؤسسة الشهداء :
وجاء في بيان صادر عن المكتب الاعلامي لرئيس مؤسسة الشهداء ، كاظم عويد “ان المسودة التي تم تقديمها الى مجلس الوزراء وللأسف الشديد صادق عليها المجلس مخالفة للدستور بمادتيه ( ١٣٢،١٠٤) وتجاوز واضح وصريح على القوانين النافذة والمشرعة من قبل مجلس النواب الموقر ومنها قانون التقاعد الموحد رقم (٢٦) لسنة ٢٠١٩ وقانون مؤسسة الشهداء رقم (٢) لسنة ٢٠١٦ وقانون ضحايا الارهاب رقم (٥٧) لسنة ٢٠١٥ وقرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (١٩٢٧) لسنة ١٩٨٠ النافذ” ، واضاف “اننا اذ نؤكد ان الفقرة المختصة بمنحة ذوي الشهداء لم تسعف الموازنة بأي مبلغ مطلقاً وانما هي لتأليب الشارع على هذه الشريحة المضحية والمظلومة المكونة من ملايين البشر من ابناء العراق وتخلق فتنة داخل العائلة الواحدة والدولة في غنى عنها في ظل الاوضاع غير مستقرة في البلد والتحديات القائمة” . كما اكدت مؤسسة الشهداء ، انها”لنم تقف مكتوفة الأيدي تجاه استحقاقات ذوي الشهداء الكرام وستلجأ الى القضاء والمحاكم المختصة للألغاء القرار الخاص بالتجاوز على حقوقهم وكذلك إقامة دعوة قضائية أخرى على أعضاء اللجنة (الوزارية)تحديداً”.


* دعاة الاسلام – تنظيم العراق :
واصدرت هذه الجماعة هي الاخرى بيانا ، عرضت فيه الى تلك القرارات ، مبينة “اقدمت حكومة السيد الكاظمي على استقطاع رواتب المتقاعدين وبنسب متفاوته وقرارات غير مدروسة ستؤدي الى المزيد من التصارع والخلافات المجتمعية وتشكل تجاوزًا على عيش وكرامة الشعب العراقي … العراقيون يطالبون بحقوقهم التي كفلها الدستور وليس الاعتداء على رواتب المتقاعدين من العسكريين والمدنيين وضحايا النظام السابق خلافا للدستور والقانون . والخطوة التي اتخذتها الحكومة في يوم سقوط الموصل وبدء الحرب على داعش باستهداف عوائل الشهداء والسجناء الذين حرروا الموصل وباقي المحافظات من عصابات داعش الإرهابية، رسالة سيئة وخطيرة وفيها أشعار بمعاقبتهم على تضحياتهم وجهودهم الوطنية وتكريم لاعداء العراق من الداعشيين والبعثيين لذا من منطلق المسؤولية الوطنية والأخلاقية نطالب الحكومة بالتراجع الفوري عن هذه القرارات واعادة اموال المتقاعدين وتنفيذ القوانيين التي كفلت لهم تلك الحقوق والتعويضات”.
.. وللموضوع صلة